Thursday, March 06, 2008

أحمد الربعي

وغدا تنبت الرياض زهــورا، ويعود الهوى لنا والشبـاب
كلما طال بعدنا زدت قربـا، يجمع الحرف بيننا والخطــاب

.

هذا مقطع يختم أغنية سكن الليل (لآمال ماهر، مو فيروز).. يطري علي الحين
.
الوالد ذاكرته أحسن من ذاكرتي.. آنا ما أتذكر أول مرة قابلت فيها الربعي وعرفت أنه الربعي
أذكره قاعد على كرسي بلاستيك في حوش بيتنا يقول شعر.. شوية المتنبي، وشوية أمل دنقل.. وأذكره بالجامعة يدخل القاعة ومعاه شاي بالحليب.. نتجمع حواليه بعد انتهاء المحاضرة.. وأذكره دايما بالمطار.. كلما سافرت لازم أشوفه بالمطار
.
ينحب، وما يتعوض
.
.
.
Condolences, everyone.

Words fail me.. I'll leave it to dad..
.
وداعا .. أحمد الربعي

التقيت بأحمد الربعي أول مرة منذ أكثر من ثلاثين عاما، في منتصف السبعينيات من القرن الماضي. كان يعمل وقتها مراسلا صحفيا لجريدة الوطن التي كان يرأسها الأستاذ محمد مساعد الصالح، وكنت أعمل في المعهد العربي للتخطيط. التقيت به دون معرفة سابقة بيني وبينه في مطار تعز باليمن. كان يلبس قميصا وإزارا ملونين على نحو ما يلبسه بعض إخواننا الأعزاء من أهل اليمن السعيد، ويحمل كاميرا تصوير سوداء على كتفه. أما أنا فكنت ألبس "دشداشة" كويتية ناصعة البياض مع ما يتبعها من غترة وعقال، ولا أدري لماذا. كنت في زيارة لليمن ومعي الأخ الصديق الدكتور محمد صفوح الأخرس من القطر العربي السوري، بهدف مقابلة الشباب المرشحين من اليمن للمشاركة في البرنامج التدريبي السنوي في التخطيط للتنمية الذي كان ينظمه المعهد في الكويت. كنا أمام حاجز شركة الطيران المزدحم نسبيا، واستغربنا أنا وصفوح من هذا الشاب اليمني الذي "يتلصق" بنا، كلما ابتعدنا عنه اقترب منا، وأصبحنا في ريبة من أمره. وقيل أن تطول حيرتنا التصق بي من جديد وصاح بصوت ضاحك:" هيه !! ليش توخر عني؟ لا تكون مغرور.. مو بس أنت كويتي .. أنا بعد كويتي!!" . ثم قدم نفسه لنا : أحمد الربعي، صحفي من جريدة الوطن! لا زالت تفاصيل ذلك اللقاء الغريب عالقة في ذهني. كان أحمد بسيطا وعفويا في حديثه معنا بعد ذلك، ونصحني أن أدخل الحمام وأبدل ملابسي تفاديا لإلحاح المتسولين في مطار تعز، ففعلت ذلك شاكرا له


وتوطدت العلاقة بيننا نحن الثلاثة، تجولنا في صنعاء وصورنا في بعض أماكنها الجميلة، ومن بينها صور أمام قصر الحجر الشامخ على رأس ربوة عالية. وشاركنا في لقائنا بالأخ المرحوم عبد السلام محمد مقبل زميلي في الدراسة بالقاهرة الذي كان يعمل حينها مسؤولا بوزارة التخطيط اليمنية، ومن المؤسف أنه أعدم في بداية حكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بتهمة المشاركة في محاولة انقلابية ناصرية على نظام الحكم الجديد في اليمن

بعد عودتنا إلى الكويت تكررت زياراته لنا في المعهد العربي للتخطيط، كان يبدي إعجابه بالمعهد، ويلتقي ببعض خبرائه وأساتذته ويناقشهم في أمور تتعلق بأوضاع الوطن العربي وقضاياه ومشاكله، أو يطلع على بعض المطبوعات في مكتبة المعهد. وكان يجلس مع الصديق الدكتور صفوح الأخرس كثيرا فيتلقى منه النصح والمشورة حول الدراسة في الولايات المتحدة قبل أن يشد الرحال إليها لمتابعة تعليمه، وكنت سعيدا به وبحواره ومناقشاته ومستفيدا منها. ذهب يعد ذلك إلى الولايات المتحدة يدفعه طموحه وتحدوه آماله. وانقطعت أخباره عني حتى عاد حاملا الدكتوراة في الفلسفة، وانضم إلى سلك التدريس في جامعة الكويت نشيطا متحمسا مليئا بالأفكار والتطلعات. صعد نجمه كثيرا سياسيا واجتماعيا، وكان رشيقا في قلمه وما يكتبه، ساحرا في حديثه الذي يستقطب إليه الكثير من محبيه. أصبح نائبا في مجلس الأمة أكثر من مرة، ووزيرا في الحكومة، ثارحوله الجدل من كل الأطراف، ولكنه كان دائما محل تقدير واحترام من كل من عرفه حتى وإن اختلف معه.


فجأة وبدون مقدمات، تعرض الصديق العزيز لنزيف في المخ في منتصف شهر أبريل 2006، نقل على اثرها فورا إلى بوسطن بالولايات المتحدة حيث أجريت له عملية جراحية لإزالة ورم من رأسه. تابعناه وتابعه محبوه في كل مكان بقلق شديد حتى عاد بعد حوالي ستة أشهر. عاد وهو مدرك لما ألمّ به، ولكنه ماعاد منكسرا ولا عاد جزعا. عاد ليكتب من جديد عن الحياة وجمالها، وليبث روح الأمل والصمود دون وجل في وجه المصير المحتوم. وفي آخر لقاء له مع محبيه أدرك من حضر اللقاء أنه يودعهم، أخفى دمعه وألمه عنهم، ولكنهم أحسوا برنة الحزن في حديثه، ولمحوا نظرة الأسى في عينيه، وهو يجاهد في درء ذلك عنهم. عادوا من ذلك اللقاء مكلومين يعصرون قلوبهم ويحبسون دموعهم

في مساء يوم الأربعاء الحزين، في الخامس من مارس 2008، تلقينا النبأ المؤلم وإن كنا نتوقعه. لقد كان صعبا علينا ومريرا. أحمد الربعي، لقد كنت عظيما في حبك للناس وللحياة، وكان حب الناس لك عظيما.

وداعا .. أحمد الربعي .. وداعا


عبد المحسن تقي مظفر
الخميس 5 مارس 2008

.
Al Arabiya..

37 comments:

ValenciaLover said...

الله يرحمه

لن يُعوَض أبداً

أجمل ذكرياتي محاضراته في الجامعة عندما كان يقرأ لنا شعر أمل دنقل

وعندما أعاد قراءتها في آخر أمسية شعرية جمعتنا به مع فرق أسلوبه في الإلقاء حينها حيث كانت روح الوداع بادية في نبرات صوته

رحمه الله وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان

http://ilovevalencia.blogspot.com/2007_05_01_archive.html

شرقاوي said...

ستظل ذكراه محفورة في ذاكرتنا

تسلم يد الأستاذ عبد المحسن على هذه السطور.


فما زالت الأيام شيمتها الغدر

Anonymous said...

الله يرحمه ويغمد روحه الجنة

Ena li-Allah wa ena ileyhi raj3oon.

A moving tribute from you both.

May God rest his soul and help his family in this difficult time.

The Simper said...

a great man and a mind left us..
but the thoughts with us..

الله يرحمة انشالله

Hasan.B said...

A,a yer7ama we9abir ahala..well said

الناس صنفان موتى في حياتهم * وآخرون ببطن الأرض أحياء
موت التقي حياة لا انقطاع لها * كم مات قوم وهم في الناس أحياء

ValenciaLover said...

link to my post

Jandeef said...

thank you for sharing

UmmEl3yal said...

My deepest condolences to you, your (my) father and all your readers :*

The Aggressor said...

Kuwaitis lost a great man, but gained, through him, a wealth of virtues and wisdom. May Allah rest his soul and forgive his sins.

White Wings said...

حكى لي الدكتور الربعي عن هذا الموقف بالذات مع والدك، واستخدم نفس التعبير "عمج تكبر علي، شاف روحه عباله أنا مو كويتي" ضحكت يومها وقلت له أنني لا أصدق هذه القصة عن عمي، لكنه ضحك بصخب وأكد لي أنه سيثبت لي القصة ومن عمي ذاته

في صفي الدراسي، كا يدخل بزجاجة بيبسي، كانت محاضرتي في الثالثة والنصف ظهراً، وكان كورس صيفي، اعتقد ان الحرارة جعلته يستبدل الجاي حليب بالبارد

اليوم غيم الحرم الجامعي، بردت الفصول، كان الذهاب لكيفان مؤلم بلا حدود

ليرقد بسلام، رحمه الله

كيف أنت؟ اتصلت أطمئن بدون جواب

J Daily said...

تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول إلا ما يُرضي ربَّنا ، وإنا بك يا أحمد لمحزونون

Mohammad Al-Yousifi said...

اول مرة شفت احمد الربعي في 97

كنت راد من امريكا في اجازة و قلت خل اتميلح و اروح مع اختي الجامعة كطالب مستمع

دخلت الفصل و استأذنت من بو قتيبة في الاستماع و سمحلي

بدأت الحصة و بدأ يسأل طلبته , منو فيكم قرأ؟ منو فيكم محظر؟ منو فيكم شرا المذكرة؟

يمكن ما رد بالايجاب الا طالبة واحدة او طالبتين

سكت قليلا

ثم قال , ما اقدر ادرسكم اليوم , حظروا و تعالوا الحصة الجاية

لا أذكر التفاصيل بالضبط بس اذكر دقرتي تمام مع اول تجربة لي مع جامعة الكويت

الله يرحمك يا بو قتيبة

Anonymous said...

وكأنة رحل عاتبا علينا
وكأنة زعلان على ما آلت لة الأمور بالكويت

وكأنة ,كأنة
لكنة إن شاء اللة في جنة الخلد

أحمد الربعي
يا معلم الكويت
ويا من عشت وعيشتنا بالمقلوب لكي نرى الحقيقة كم كنا بحاجة لحكمتك في هذة الايام ولكن لا راد لقضاء اللة ونحن مؤمنبن بقدرة
وانت السابق ونحن اللاحقون

اللهم وسع لة في قبرة وثبتة عند السؤال

رحمك اللة

AyyA said...

My condolences

Anonymous said...

الله يرحمه ويصبر أهله
آنا ما أعرفه شخصيا لكني دايما كنت أسمع عنه كل خير
الوالدة كانت لما تشوفه بالتلفزيون تسميه الرجل الطيب

حاولوا تقرون له الفاتحة وإهدوا ثوابها لروحه

Soud said...

عظم الله أجرنا وأجركم

Anonymous said...

حلو السكتش بس وايد صغير

عظم الله أجركم جميعا

Anonymous said...

sorry. mistake. i used your pc

mantovani said...

الله يرحم الدكتور احمد الربعي

عرفته متواضع

و من تواضع لله رفعه

و هذا اهو اليوم شيعته المئات من
المحبين و المعارضين

حتى اعدائه بكوا عليه

الله يرحمة

مــعـــارض said...

إلى جنـّات الخلد يا بو قتيبة

You will always be remembered with a smile...

Anonymous said...

الله يرحمك يابوقتيبة ،
مركز معلومات ضاع من الكويت
ولن يعوض ابدا

Amethyst said...

Allah yer7ema

Anonymous said...

عظم الله اجرك و اجر الكويتيين اجمع

الى جنات الخلد يا ابا قتيبة

انت باقٍ معنا و مع اجيال الكويت القادمة..ستظل

شروق، رسمة جميلة، لكنه كان -على خلاف الرسمة- دائماً مبتسم.

فهو من علمنا التفاؤل، و هو من كان دائماً يذكّرنا بالجمال..


شكراً د. احمد الربعي
ايها الجميل

Anonymous said...

نسيت ان اشكرك على مشاركتنا في مقال الوالد الجميل

و على الفيديو

:)

شكراً

Maximilian said...

خسارة ما تتعوض

الله يرحمه !

Anonymous said...

لم أعرف عن وفاته حتى هذه اللحظه..اين كنت، سنفتقده كاتبا جريئا مختلفا

Alia said...

I expected a piece of poetry by
3ammy .. but this is even better

Thanks to u both for sharing this

الله يرحمه

Alia said...

أذكره يرفع شارة النصر بيد ويسند الأخرى على عكازة .. يوم التصويت على طرح الثقة به

أذكره يبتسم دائما

أذكره في المحاضرة مع الشاي حليب

أذكره في اللقاء الأخير .. في بيته ووسط أولاده

الله يصبرهم ويصبرنا

Anonymous said...

الله يرحمه ان شاءالله برحمته الواسعة

ولكن اندهش حين اعرف انه الملحدين
يترحمون على الاموات
!

غريب

Shurouq said...

ValenciaLover
Thanks for the videos :** I wish we had more of those.
He's terribly missed.

شرقاوي
الله يسلمك ويطول بعمرك وعمر أحبابك

Ms. Baker
He will always be remembered and missed.

Hasan. b
صح لسانك.. حي بقلوبنا وبعقولنا

Jandeef
Thank you for passing by

Ummel3yal
Thank you dear.

And dad says he wants to meet el3yal :) his grandchildren.

The Aggressor
Not only Kuwaitis who have lost him.. It's a great loss for everyone who was lucky enough to know him.

White Wings
كان مرات يعزم علينا، بس عزومة مراكبية :) والا شهالكوب اللي بيكفي فوق العشرين طالب وطالبة

انا زينة بس حزتها ما عرفت شاللي ينقال عالتلفون
Thanks for calling :*

يعقوبو
اسمه كان لايق عليه صح؟ أحمد :)

Kila Ma6goog
ودي أكتب لك لستة طويلة بدقراتي مع جامعة الكويت.. بس أكيد محاضرات الربعي مو منهم

أذكر كنت أحضر له مادة "نصوص تخصصية"، هذي بجدولي فعلا.. وبعدين أروح أحضر له "مدخل فلسفة" مع عالية

معجبات ولزقة :) الله لا يوريك

حسافتج يا كويت
كلامك صعب.. أتمنى ما يكون عاتب ولا زعلان علينا.. وأتمنى محد فينا يخيب ظنه

Ayya
Thank you habibti

Anonymous
الله يخلي لك الوالدة ويطول يعمرها

Soud
آمين

Anonymous
شكرا.. اضغط على الصورة تكبر

Anonymous
Come again?

Mantovani
يمكن لأن عداواتنا سطحية ومفتعلة والموت وايد أكبر منها

معارض
And that's how he should be remembered.

Anonymous
ما يتعوض
صدقت

Amethyst
Amen

Anonymous
أحاول أرسمه وهو مبتسم.. علشانك بس

Anonymous
العفو
وشكرا

Maximelian
أتمنى تظل الناس تتذكره وتتذكر روحه الحلوة، ومتحسفة على الصغار اللي ما راح يعرفونه

Ben Kerishan
ويا ليتنا كلنا ما عرفنا الخبر
مفتقدينه وفي نفس الوقت حاسين وكأنه بعده معانا

Alia
My heart goes out to dad.. I can't think of anything harder than losing friends to death.

Anonymous
و"الله" مو وايد غريب

هي عبارات تقال في مثل هذه المواقف تعبيرا عن المشاركة في الحزن والتعاطف، وقد يقولها المؤمن أيضا دون أن يعنيها فعلا حرفيا

الغريب والطريف هو رصدك للملحدين والملحدات في مجتمع المدونين الصغير نسبيا.. بارك الله فيك وثبتنا وإياك على سراطه المستقيم

The Simper said...

shda3wa em6awfatni?? za3alt..

Shurouq said...

The Simper!
ما عاش اللي يطوفك
حقك علي

وألف آمين

Shurouq said...

Anonymous #5
هذا الربعي مبتسما ومع قليل من الألوان.. عشانك
:)

♀ L's brain ♀ said...

I feel at a loss for words. Your dad said it all. Dr.Al-Rubie will always be in our thoughts. We're lucky to have known him, at least.


Entay fanana by the way. The second painting is so real in a creepy way. It's so Dr.Ahmad. You captured his smile very impressively. I like it more than the gloomy one you posted. And out of an annoying curiosity, it is signed and dated 13.3.08, wasn't it 12.3.08?

Shurouq said...

L's Brain!
Of course you're right. Here's how stupid I can be:
I sketched it late Tuesday nigh.. the 11th.. Then I realized it was right after midnight I decided to sign it with "tomorrow's" date. I go check the date on my pc and it says 12th. I write 13th. ya3ni ykoon I'm being accurate.

The moral of the story: Don't try to outsmart a computer.

And thanks :) I'm glad you liked it.

DK said...

allah yr7ma :(

mota tarak athar fe naffsee kbeer

mathwah il yanah inshallah ..

Bee said...

Ma7ad methlah. At hard times, I look for him, in youtube, in newspapers, in blogs. The idea of his existence tkhalli eljar7 yebra. A7mad elrub3i shined when I watched him with awe at a time in my life when I was building my dreams, brick by brick, day by day. At my hard times, watching him does me wonders and gives me a strange strength that I can't get off of anything else in this world - there's absolutely nothing that I can do to top his effect on me. He is a blessing in my life; I don't thin I'll ever be able to forget him laena ma3refte 3annah ne3ma kebeera.